منذ خمسة أشهر مضت أعلنت منظمة الصحة العالمية عن ظهور مرض جديد يعرف باسم ” انفلونزا الخنازير” وكانت بداية هذا المرض في المكسيك ثم انتقل إلى الولايات المتحدة ثم إلى باقي الدول لينتشر المرض بعد ذلك وبشكل سريع.
وصل المرض إلى السعودية وأعلنت عن أول حالة لهذا المرض يوم الأربعاء 10 جمادى الثانية 1430هـ / 3 يونيو 2009م وكانت لممرضة فلبينية قدمت من بلادها.
توالت الأيام وبدأت تتضح معالم هذا المرض، فأصبح ينتشر وبشكل غير متوقع، لتصل الأرقام المسجلة في كل بلد إلى أرقام عالية ، ولم يتوقف الأمر على الإصابة بل أصبح للمرض ضحايا وبالعشرات.
توقعت بعد هذا كله أن يكون لوزارة الصحة السعودية خطة محكمة لمكافحة المرض، وأن استعدادات هائلة تجرى كي يقف هذا المرض عند حد معين وخاصة أن بلدنا بلد مفتوح اقصد بذلك أن مواطنيها يكثرون من السفر إلى الخارج وبأعداد كبيرة، كما أن الحرمين الشريفين يحظى بزيارة آلاف بل ملايين المعتمرين والحجاج.
لكن شيء من ذلك لم يحصل!! أو هو أقل من المتوقع !!
صباح هذا الاثنين 10 رمضان / 31 أغسطس كنت أقود سيارتي عندما كانت إذاعة ” سوا” الأمريكية تبث نشرتها الإخبارية وأتت على خطورة هذا المرض على المعتمرين وما يشكله الزحام من فرصة كبيرة لانتقال المرض ثم انتشار الوباء على نطاق أوسع، ثم استضيف طبيب سعودي يترأس قسما في مستشفى بجدة، وكانت الطامة من الطبيب الذي ذكر أن خطة وزارة الصحة هي عدم إثارة الهلع بين المواطنين والمقيمين عن خطورة هذا المرض، وأن الوزارة تتعامل بهدوء مع المرض.
هنا ضحكت وبأعلى صوتي على هذه الفلسفة المريضة، فأن ترشد الناس عن مدى خطورة مرض ما فهو من صالحهم لا سببا يدعو إلى الهلع، فأنت بهذا التنبيه ستجعلهم يغيرون من عاداتهم السلوكية في النظافة، وأن يعيروا المرض اهتمامه اللازم.
إن بيان خطورة مرض ما لهو أمر مهم جدا، فلو طلب منا شخص ما استشارتنا عن السفر إلى دولة غير آمنة، فهل الأفضل أن نقول له أن الأمور على ما يرام ونتمنى لك سفرا سعيدا؟ أو أن نبين له مدى خطورة الوضع في تلك الدولة؟
كما أننا لو نظرنا إلى الإجراءات المتبعة في المستشفيات لوجدناها مؤسفة فكل من يصاب أو يشتبه في إصابته يقال له “لا يوجد سرير .. اذهب إلى مستشفى آخر لعل به سرير شاغر.”
كما أن نتيجة كل عينة تستلزم 48 ساعة وهذه المدة الطويلة قد يموت المريض قبل أن يعرف نتيجة عينته، فضلا أن موظفا في وزارة الصحة أكد لي أن مختبرا واحد فقط يستقبل العينات ولا أدري هل هو الوحيد على مستوى الرياض أم على مستوى المملكة، مع أن الطامة حلت مهما كانت النتيجة.
إننا لم نجد برنامجا تلفزيونيا توعويا، أو لوحة في الشوارع تخبر عن المرض وضرره، بل وكأن المرض لا يعنينا!
أثناء سفري إلى القاهرة كان في المطار هناك كاميرا حرارية تفحص المسافرين ونموذجا لتعبئته عن أعراض المرض وهل تشعر بشيء منها ولم يسمحوا لنا بتجاوز نقطة معينة إلا بعد تعبئته.
أما في مطار الملك خالد فأعطونا النموذج وقمنا بتعبئته، وتوقعت إجراءات أصعب لكن المخجل أن أحدا لم يسألنا عنها، كما لم نشاهد كاميرا حرارية تكشف عن الأجساد الساخنة.
إن الناس بحاجة إلى توعية عن المرض ، وأعراضه وطريقة التعامل معه، فأكاد أجزم أن كثيرين لا يعرفون ما أعراضه ولا كيفية التعامل معه، وما الإجراءات الأولية التي يقومون بها عند إصابة أحد أفراد الأسرة.
فماذا نتج عن هذا الإهمال؟
أكثر من ألفين إصابة و19 حالة وفاة إلى الآن (10 رمضان - 31 أغسطس) أي بعد شهرين و25 يوم من ظهور أول حالة بالسعودية !!
حقيقة طامة كبرى ! وأي فرد يقول هذا غير فهو مكابر، فلو نظرنا إلى قوائم الإصابة في الدول الأخرى لوجدنا أن الوباء في بلادنا مستفحل ..
أقول هذا علما أنه لم يسبق لي أن انتقدت دائرة ما لكن الصحة والأمن أمران يجب عدم التساهل بهما ..
أخيرا أدعو الله أن يحفظ للجميع صحتهم .. وأن يأخذوا المرض بعين الاهتمام والاعتبار وأن يعملوا على أسباب الوقاية من المرض ، وذلك بغسل اليدين بعد العودة من خارج البيت، أو مخالطة الناس، والابتعاد عن وضع الأصابع في العيني أو الأنف أو الفم .. والله خير حافظا ..
=-=-=-=-=
رابط عن إحصائيات المرض في العالم العربي .. طبعا الإحصائيات قديمة نوعا ما حتى وإن أشير إلى تاريخ التحديث ..
http://www.emro.who.int/arabic/csr/h1n1/وهذا الموقع خصصته وزارة الصحة عن المرض ..
http://www.moh.gov.sa/swineflue/index.php