لــقـــــااااء المدير العام
عدد المساهمات : 181 نقاط : 11381 التفاعل : 2 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمر : 54
| موضوع: عبقرية الصديق السبت سبتمبر 05, 2009 1:14 pm | |
| عبقرية الصديق
بقلم د. أيمن الجندى
ثانى اثنين وأول مجيب، أبوبكر الصديق، الرجل الذى اشتهر بالصدق فى الجاهلية والإسلام، إذا احتمل الدية اطمأن الناس، وإن احتملها غيره لم يصدقوه.
أبيض الوجه، وسيم الملامح، لين الجانب، ودود كريم، سريع التأثر، مرهف العاطفة، أسيف غزير الدمعة، شجى النشيج، صاحب الرسول وصديقه الصدوق، وهب الإسلام كل ما يملك إنسان أن يهبه من نفسه وماله وبنيه. حمل أمه إلى النبى لتسلم وهى بين الموت والحياة، وجاءه بأبيه - وقد جلله الشيب - ليسلم على يديه، وحمل ماله كله وهو يهاجر فى صحبة النبى صلى الله عليه وسلم يؤثره به على الأهل والبنين.
شجاعة تفوق الأبطال: ثبت حين ولّى الرجال، وغامر بحياته فى حروب الردة، صادق الطبع، مستقيم الضمير، مطبوع على الحماسة والاستقامة، مسرع إلى الدعوة، دخل الإسلام على يديه نخبة من أسبق الصحابة وأخلصهم للرسول وأعظمهم أثراً فى قيام الدولة الإسلامية بعد ذلك.
أبوبكر الصديق، رجل ليس كالرجال، وقلب ليس كالقلوب، طيبة فى يقظة، ويقظة فى استقامة، ويزيد عليها فى كل وصف حميد، أول من أسلم من الرجال، بلا كبوة ولا تردد، بل سارع بالتصديق.
يلح على الرسول أن يظهر بالمسلمين وهم دون الأربعين، ويقوم خطيباً يجهر بالدعوة والمشركون ثائرون، فيضربونه حتى يحمل بين الموت والحياة، فإذا أفاق كان أول ما قاله: ما فعل رسول الله؟ ويأبى أن يأكل أو يشرب حتى يطمئن على الرسول، فيحملوه تحت ستار الليل إلى الرسول وهو بين الحياة والموت، فانكب على الرسول يقبله فرقّ له رقة شديدة لما رآه على هذه الحال.
كان مطبوعاً على سماع الحق وتصديقه، لطيف الحس، خاشع النفس، عظيم المودة، خشوعه يبكيه، وفرحه يبكيه، متفتح النفس للإشارات، مفتاح شخصيته هو الإعجاب بالبطولة، حاول أن تتذكر أى موقف سمعته أو قرأته عنه ستجد فيه هذه اللمحة.. الإعجاب الخالص ببطولة الرسول.
كانت هجرته أخطر هجرة والكفار يرصدون النبى بكل دقة، فكانت هجرته مع النبى مجازفة بالحياة، وحين تولى الخلافة أسس الدولة ووطد العقيدة وفتح الفتوح، وكانت غضبته من حدوث الردة - بعد وفاة الرسول - غضبة الصديق المحب لصديقه، والمعجب الغيور على ذكرى بطله، يثيره أن يغدر الغادرون بعهد ذلك الصديق وذكرى ذلك البطل بعد وفاته بأيام.
غضبة الواثق من النصر لأنه سمع البشارة السماوية، وغضبة الرجل الدقيق التكوين الذى راض نفسه على المروءة والوقار يقابل بالاستخفاف، وإذا كانت فتنة الردة كشفت عن زيغ الزائغين وريبة المرتابين، فقد كشفت كذلك عن الإيمان المتين واليقين المبين وحفظت للناس نماذج للصبر تشرق بها صفحات الأديان.
وما إن انتهى من تأمين الإسلام فى عقر داره، حتى بدأت المرحلة الثانية فى تأمين الإسلام فى حدوده وتخومه، فأخذ فى تسيير البعوث إلى حدود العراق والشام، بعدها ذهب إلى لقاء ربه راضياً مرضياً قد أدى الأمانة ونصح المسلمين.
| |
|